حافظ إبراهيم .. شاعر النيل
فى صباح يوم الاحد 4 فبراير من عام 1872م ولد فارس الكلمة الشاعر المصري حافظ إبراهيم فى قرية صغيرة تعرف بأسم ذهبية (أي حراقة) بالقرب من قناطر " ديروط " بصعيد مصر ، لاب كان من المهندسين المشرفين على بناء ديروط ، فاجأه القدر بوفاة والديه وهو صغيرا فترك ديروط وسافر الى القاهرة ليعيش فى كنف خاله الذي تولي تربيته ..
والحكاية مع حافظ ابراهيم طويلة تعود البداية ، حينما أنتقل حافظ للعيش مع خاله " محمد نيازي " فى القاهرة والحق بمدرسة القريبة ، ومكث فيها أكثر من عام وانتقل بعدها الى مدرسة المبتديان ، ثم بالخديوية الثانوية ، ولكنه لم يحصل منها علي شهادة البكالوريا بسبب انتقاله مع خاله للعيش فى مدينة طنطا ليعمل مهندسا للتنظيم بها وأثناء اقامته بطنطا أنشغل بتحضير دروس العلم بالجامع الأحمدي ، بالاضافة الى انهماكه فى قراءة كتب الشعر والأدب ، وهناك أشتغل بالمحاماه مع بعض المحامين فى طنطا وليست لديه شهادة ، فلم يكن للمحاماه وقتئذ قانون يقيدها ، وأصبح ينظم الشعر أثناء ممارسته للمحاماه ، فحلق فى سماء الشعر فى وقت مبكر .
التحق حافظ بالمدرسة الحربية وتخرج سنة 1891 م برتبة ملازم ثان بالطوبجية ثم سافر مع حملة السودان ، فأقام مدة ليست بقصيرة فى سواكن والخرطوم والف مع بعض الضباط المصريين جمعية سرية وطنية ولكن أكتشفها الانجليز فأحيل للاستيداع سنة 1899م ، حينها لجأ شاعرنا الى الشيخ الفاضل "محمد عبده" فتوسط له وأعاده الى الخدمة فى البوليس حتي أحيل الي المعاش .
وعمل حافظ محررا لجريدة الأهرام ويقول عن طريقها " اشتهر شعري ونثري وطار صيتي فكنت شاعر الوطنية والأجتماع والمناسبات الخطيرة وانقطعت للنظم والتأليف حتي لقبت بشاعر النيل " ،و توسط له أخوه أحمد حشمت باشا ليكون رئيسا للقسم الأدبي فى دار الكتب المصرية سنة 1911م .
عرف عن حافظ عشقه للشعر والنغمة الشعرية ، ومن أجمل ما كتب كان بعنوان
" ليالي سطيح " و " البؤساء " و له كتاب من مجلدين اسمه " ديوان حافظ "..
حافظ ابراهيم شاعر خفيف الظل ، يحب الضحك و الفكاهه ، فكان يحب ان يداعب اصدقاؤه وكان من بينهم صديقه الشاعر الوداني " محمد إمام العبد "، وله مواقف كثيرة معه ، فيقول حافظ " مرة تغيب إمام العبد عن مجلسي فذهبت أزوره ثم رجعت لأصدقائي اقول ان بيت إمام ضيق جدا وقد سمعت أن خفير الدرك يشكو كل ليلة من أنه حين يمر بمنزله يتوقف عن المرور ينادي يا إمام ..رجليك طالعة من الشباك ..يا أخي مش ضرور تنام متمدد .. و ذات مرة ذهبت مع إمام العبد للإصطياف فى الإسكندرية فنزل إمام العبد البحر فلما خرج منه قلت له : أهو أنت الان سوداني ومملح " .
حتي عرق إمام العبد لم يسلم من تهكم حافظ ، ففي يوم كان العبد يكتب فوقعت نقطة حبر أسود على الورقة التي يكتب فيها وهو غير متنبه فقال له نشف عرقك يا محمد " .
وفى يوم كان حافظ يصطحب صديقا لي ضعف بصره واحتاج لرفقته الى وزارة الأوقاف وفى الطريق تقدم أحد المتسولين وهو يقول لصديقه "اديني شئ لله ..ربنا ينور عينك فما كان من شاعرنا الا أن صاح فى وجه المتسول وقال " انت عايزهم يقطعوا عيشه " .
لم يكن حافظ يسخر من أصدقائه فقط بل من نفسه أيضا والدليل علي ذلك حينما قابل أحد أصدقائه فى الطريق وكان منقبض النفس فسأله ما بك ؟ فقال حافظ له : ان المصران الأعور عندي ملتهب فقال له صاحبه وبماذا تشعر ؟ فقال : أشعر بوجع شديد هاهنا وأشار الى جانبه الأيسر ، فقال صاحبه : ان المصران الأعور يكون فى الجانب الأيمن لا الأيسر فرد حافظ يمكن أكون أنا يا سيدي أعور شمال .
ورغم ان حافظ صمت عن الشعر الا انه لم يصمت عن الضحك الذي ظل يرافقه حتى وفاته فى 21 يوليو سنة 1932 ، وصلي علي جثمانه كل
من أحبوه فى مسجد الكيخيا بالقاهرة ، ودفن في مقابر السيدة
نفيسة ..ورثاه على قبره محمد الهراوي وعباس محمود العقاد .
__________________