هي عبارة عن حدوث حريق يشب تلقائياً في جسد الشخص بدون أي مسبب خارجي معروف
أو محدد ويرمز لها اختصاراً بـ SHC أو Spontaneous human combustion قد
ينتج عن هذا الاشتعال بعض الحروق البسيطة في الجلد أو الدخان وقد يشمل كامل
الجسم وهذا الأخير هو ما يميز ظاهرة "الاشتعال البشري الذاتي" ، دار حول
هذه الظاهرة الكثير من التحليل والجدل ولم يتم العثور على دليل مادي
لحدوثها، ولكن مع ذلك يوجد افتراضان شائعان لماهيتها وكيفية حدوثها،
الافتراض الأول هو نار تكون ضئيلة جداً في البداية ثم تجد محفزات تساعد على
تحولها إلى حريق كبير والافتراض الثاني هو حدوث نوع نادر من تفريغ شحنات
الكهرباء الساكنة أو الاستاتيكية، من الناحية النظرية يحتوي جسم الانسان
على طاقة مختزنة على شكل دهون وكافية ليتم استهلاكها بشكل كامل لكن في
الظروف الطبيعية لن تشتعل الأجسام من تلقاء نفسها.
تاريخ الظاهرة : على مدى 300 سنة سجل أكثر من 200 تقرير عن أشخاص يحترقون ذاتياً دون سبب
معروف. سجلت أول حادثة يعتمد على موثوقيتها في عام 1637 عندما نشر الفرنسي
يوناس دوبونت كتابه الذي يتضمن مجموعة من الحالات والدراسات حول هذه
الظاهرة بعد تسجيل وقائع حادثة نيكول ميليت حيث اتهم الزوج بارتكاب جريمة
قتل فيها زوجته في حين اقتنعت المحكمة بأن الزوجة قتلت بفعل "الاشتعال
الذاتي" ، تم العثور على رماد جسد ميليت على سريرها وهي من الباريسيات
المفرطات في شرب الكحول ولم يبقى من جسدها سوى الجمجمة وعظم من عظام
الاصبع، الغريب هنا أن ملاءة السرير لم تحترق إلا بشكل ضئيل !، كتاب يوناس
هذا أخرج تلك الظاهرة من عالم الموروث الشعبي و الشائعات إلى الواجهة.
وفي حالة أخرى ،وجدت جريس بيت المدمنة على شرب الكحول والبالغة من العمر 60
عاماً والتي تسكن في مدينة ايبسويتش - انجلترا ملقية على الأرض ، كانت
ابنتها أول من شاهدها وكأن جسدها تحول إلى رماد عود محترق من الخشب دون
وجود لهب ظاهر ولم يؤثر ذلك على ملابسها المتواجدة بقربها على الإطلاق !
تأثر خيال بعض كتاب الروايات المشهورين مثل تشارلز ديكنز بهذه الحوادث، حيث
كتب تشالز ديكنز في عام 1852 عن شخصية تدعى كروك في روايته Bleak House أو
بيت الشؤم.حيث كان كروك شخصية مدمنة على الكحول وكان الموروث الشعبي آنذاك
يرجع حدوث تلك الظاهرة إلى الافراط في شرب الكحول، كان ديكنز قد اطلع على
أكثر من 30 حادثة من حالات الاشتعال الذاتي حيث استلهمها كمادة خصبة
لروايته تلك ومن هذه الحوادث :الوفاة الغامضة للكونتسة كونيليا دي باندي
وتفاصيل حادثة نيكول ميليت التي كتب وقائعها يوناس دوبونت قبلها بمئة عام.
في عام 1951 أثارت حالة ماري ريسير اهتمام الناس مجدداً بتلك الظاهرة حيث
تم العثور على ماري ريسير في شقتها صباحاً بتاريخ 2 يوليو 1951 بشكل كومة
من الرماد عدا جمجمتها وكامل قدمها اليسرى ، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت تلك
الحادثة المرجع الأساس لأي كتاب يتحدث ظاهرة الاشتعال الذاتي البشري SHC
وفي 18 مايو ، 1958 تم العثور على الجسد المتحلل لـ أنا مارتن البالغة من
العمر 68 عاماً من غرب فيلادلفيا في ولاية بنسلفانيا حيث لم يتبق سوى
حذائها وجزء من جذعها، تقرير الطب الشرعي تحدث عن درجة حرارة تترواح من
1700 إلى 2000 درجة مئوية.
وفي 5 ديسمبر ، 1966 وجد رماد الدكتور ج. ايرفينغ بنتلي البالغ من العمر 92
عاماً ملقياً على أرض الحمام ومتفحم بنسبة الثلثين ووجدت ساقه منفصلة عن
بقية جسده فيما لم يتأثر الدهان على جدار الحمام.
لربما تكون حالة ماري هاردي ريسير البالغة من العمر 67 عاماُ الأكثر شهرة ،
حدث ذلك في ولاية فلوريدا واشتعل جسدها فيما كانت تجلس على الكرسي في 1
يوليو 1951 ، في الصباح التالي لاحظت جارتها التي تسكن يجوار منزلها مقبض
الباب الخارجي شديد السخونة ثم انطلقت لطب المساعدة ورجعت لتجد السيدة
ريسير أو ما تبقى منها بشكل دائرة مفحمة يبلغ قطرها أربعة أقدام. كان كل ما
تبقى من جسم تلك المرأة التي تزن 79 كغ و كرسيها هو : بطانة الكرسي من
النوابض المسودة وجزء من عظام ظهرها وبقاياجمجمتها التي تبلغ حجم كرة
البايسبول وأحد قدميها و5 كغ من الرماد المحترق.
أكد تقرير الشرطة أن السيدة ريسير تحولت لكتلة من الدخان عندما تعرض فستان
السهرة الذي تلبسه والمصنوع من مادة rayon-acetate شديدة الاشتعال لنار
ربما تكون صادرة عن عقب سجائر ملقى. لكن تقرير الطب الشرعي أفاد أن تحول
الجسم إلى بقايا الرماد هذه يستلزم حرارة تبلغ 3000 درجة مئوية ومن المفروض
أن هذا يؤدي أيضاً إلى احتراق المنزل بأكمله في الواقع كان الضرر ضئيلاً
وكان السقف وأعالي الحيطان متسخة بالسوادفي حين لم يتم العثور على أي
محفزات أو مسرعات للنيران!
نظريات حول أسباب الظاهرة
- ادمان الكحول: العديد من الضحايا كانوا من المدمنين على الكحوليات ,
لكن التجارب التي اجريت في القرن التاسع عشر أظهرت ان الجسم المشبع
بالكحول لن يشتعل بشكل كبير كنتيجة لهذه الظاهرة.
- الدهون المختزنة في الجسم : كثير من الضحايا كانوا من البدناء فيما كان
البقية من النحفاء.- عقوبة آلهية : لقرون مضت أحس الناس بأن ما حدث هو
اشارة من الله وعقاب منه.
- الكهرباء الساكنة (الالكتروستاتيكية) : لم يعرف لحد الآن أن شكلاً من
التفريغ الساكن للكهرباء قد يحدث بالفعل مثل ذلك الضرر البالغ في جسم
الانسان.
- تفاعلات كيماوية ذات طبيعة انفجارية تحدث في الجهاز الهضمي لجسم الانسان وهذا يعود لسوء التغذية.
- حقول كهربائية موجودة في جسم الانسان من المفترض انها قادرة على احداث
تماس او Short Circuit بطريقة ما غير معروفة كما يحدث في التفاعل النووي
التسلسلي الذي ينتج عنه حرارة هائلة في وقت قصير.
لحد الآن لم يعطى تفسير نهائي لتلك الظاهرة حيث تبقى لغزا غامضاُ.