الضمير لغة وتعريفا: هو السر داخل الخاطر وأضمر في نفسه أمرا أي أخفاه, والعرب استعملوا لفظ القلب أو الباطن او السريرة بدل الضمير.. واستعملوا كذلك عوضا عن الضمير كلمة (زاجر) التي تؤدي معناه بعض الاداء فقالوا: من لم يكن له من نفسه زاجر لا تنفعه الزواجر ( الزجر هو المنع والنهي)..
[size=16]ويعرفه يوراك بأنه معرفة الخير والشر وهو عند لوسن: ملكة الإقرار والاستهجان.. ( هجن وهجانه أي خياره).
[size=16]" الضمير الحي بين الضرورة الوطنية العليا والواجب الروحي" ندوة فكرية سياسية قدمها الدكتور معن صلاح الدين علي- عضو مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية( سورية) أقامتها الحملة الأهلية السورية لاحتفالية القدس عاصمة أبدية للثقافة- مؤسسة القدس الدولية ( سورية) حيث قال بداية:
[size=16]في بصمتي الفكرية.. الضمير هو: كائن وحي في داخلنا, روحه كروحنا من أمر الله سبحانه وتعالى.. يحمل طبائعنا الانسانية.. ينام ويستيقظ.. يرضى ويغضب.. ينادي ويصرخ.. يعلم ويتعلم.. يطور ويتطور.. ينمو وينمي.. يعطي ويأخذ.. يبشر وينذر.. يؤثر ويتأثر.. يقوم ويعدل.. يراقب ويؤنب.. يقوى ويضعف.. يعيش ويموت, لكنه يشرق بعد مغيبه..
[size=16]الضمير والوحي السماوي:
[size=16]من الموقن به أن التمييز بين الخير والشر أو الحسن والقبح قبل ان يكون موضوعا للوحي السماوي. كان إلهاما باطنيا منقوشا في صفحة النفس البشرية. وبعبارة أكثر وضوحا: إن الشعور بالفرق بين الخير والشر والعدل والظلم كان من أثر النفخة الإلهية الأولى في الكيان الانساني. منذ ا للحظة الأولى التي صار فيها بشرا سويا. ومعنى هذا في بساطة ويسر: أن هذه القوة المميزة هي لدى أطفالنا على السواء, وغاية ما في الأمر أن الوحي الإلهي قد أوضحها وحددها وقيّمها ونماها, وهذا ما يشهد له الحديث النبوي الشريف " كل مولود يولد على الفطرة"..
[size=16]وإذا تابعنا حركة الضمير في ظلال النبوة والرسالة لرأينا أن دور الأنبياء والمرسلين والصالحين والحكماء في تنمية الضمير كان باهرا وعظيما.
[size=16]ولقد اهتم الاسلام بتكوين الضمير وأبان أهميته, وأنه صلاح الشخصية كلها, وفي ذلك يقول الرسول عليه الصلاة والسلام "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله, ألا وهي القلب" .. ولا شك أن المقصود بالقلب هو الضمير.
[size=16]وقال صلوات الله وسلامه عليه " إن الله لا ينظر الى أجسامكم ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم أي الى ضمائركم.
[size=16]وإذا نظرنا في القرآن نظرة متأملة. ألفينا فيه الآيات القاطعة بسابقية أرومة هذه القوة الأخلاقية المميزة الى كيان الانسان قبل أن يتلقى الوحي. بل قبل أن يميز معناه: ( ونفس وما سواها. فألهمها فجورها وتقواها.قد أفلح من زكاها. وقد خاب من دساها) ومعنى هذه الآيات أن الله قد منح النفس البشرية بشكل فطري فهم معنى الخير والشر. أو ملكة تميز كلا منهما عن الآخر ساعة تسويتها. بدليل تعبيره جلّ شأنه بالفاء التي تفيد الترتيب والتعقيب الفوري بلا إمهال.
[size=16]فالانسان يعقل عن طريق الحاسة الباطنية ان ما يأمر به الوحي هو عين ما كان ينادي به الضمير. قبل أن يتعقل الوحي. ويشعر بأن مصدرهما واحد. وبأنه ملزم بوجوب تحقيق هذا المثل الخلقي الأعلى الذي هو الضمير.
[size=16]وكذلك إذا تأملنا الآيات الكريمة التي تحدد القوى التي منح الله الانسان إياها عندما خلقه. ألفيناها تنص على أنه منحه في الوقت ذاته المقدرة على تمييز الخير من الشر. كما يقدر على النطق والإبصار. أي قبل الايحاءات والتشريعات والإباحة والحظر. ( ألم نجعل له عينين. ولسانا وشفتين. وهديناه النجدين) والآية الكريمة ( بل الانسان على نفسه بصيرة).
[size=16]ومدلول كل هذه الآيات في صراحة: هو أن الله سبحانه وتعالى قد وضع في الجبلّة البشرية عند تكوينها قوة درّاكة كاشفة آمرة ناهية راضية لوّامة تتعقل الخير والشر أو الحسن والقبح . هذه القوة هي الضمير الاخلاقي..
[size=16]أما معنى الضمير في الكتاب المقدس: فالضمير الحي هو مكان التقاء الانسان بالله, بحسب العهد القديم وجاء في الإصحاح الخامس قول السيد المسيح عليه السلام (( لا تظنوا أنني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل فإنني الحق أقول لكم الى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل))
[size=16]وقول السيد المسيح عليه السلام: "ماذا يفيد الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه".
[size=16]وتابع الدكتور معن بقوله: تميز المجتمع العربي عبر تاريخه العريق بيقظة ضمير أفراده, يقظة لا زالت تعد مضرب المثل في المثالية والسمو, وقد ظهر ذلك في كل مناحي الحياة الاجتماعية.
[size=16]قال عبد الله بن دينار: خرجت مع الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الى مكة فعرّسنا في بعض الطريق فانحدر بنا راع من الجبل, فقال له: يا راعي بعنا شاة من هذا الغنم. فقال إني مملوك فقال اختبارا له قل لسيدك أكلها الذئب. فقال الراعي فأين الله؟فبكى عمر رضي الله عنه ثم غدا مع ا لمملوك فاشتراه من مولاه وأعتقه, وقال: أعتقتك في الدنيا هذه الكلمة, وأرجو ان تعتقك في الآخرة.
[size=16]ويحدثنا الشعبي ان عليّا كرم الله وجهه ضاعت منه درع فوجدها عند أعرابي فأقبل به الى القاضي ( شريح) يخاصمه وقال عليّ: هذه الدرع درعي, ولم أبع ولم أهب. فقال شريح للأعرابي: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟ فقال الاعرابي: ما الدرع الا درعي وما أمير المؤمنين عندي بكاذب فالتفت شريح الى عليّ وقال: يا أمير المؤمنين ألك بينة؟.. فابتسم عليّ وقال: أصاب شريح مالي بيّنة, فقضى بالدرع للأعرابي, فأخذها ومشى خطوات ثم رجع, فقال: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء, أمير المؤمنين يدينني الى قاضيه, فيقضى عليه, أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله, والدرع والله درعك يا أمير المؤمنين, سقطت منك وأنت منطلق الى (صفين) وهكذا كان الضمير المؤمن هو الذي يحكم أمير المؤمنين وهو ا لذي يحكم ا لقاضي وهو الذي يتحكم في أفراد ذلك المجتمع الاسلامي. ولا تختلف خيارات الضمير من حيث الزمان ولا المكان.. وفي كل عصر هناك الكثير من الأمثلة والوقائع حول أهمية وعظمة ودور الضمير في بناء الانسان والحضارة, ففي شهر رمضان الكريم من هذا العام المبارك أقام ضمير الوطن والأمة السيد الرئيس بشار الأسد مأدبة إفطار لعمال النظافة المتميزين في أداء واجبهم الوطني تقديرا لدورهم الاساسي الذي يقومون به في المجتمع عبر المحافظة على الوجه الحضاري لوطننا والعمل ليل نهار للحفاظ على نظافته.
[size=16]ففي هذا الإطار لا بد من التركيز على البعد الوطني في هذه اللفتة الكريمة وغيرها الكثير والكثير من عطاءات سيادته حيث تعتبر رسالة من سيد الوطن الى جميع قطاعات الشعب بأن المتميز بضميره الحي يحظى بالاهتمام والرعاية والتقدير بصرف النظر عن قطاع عمله ومسؤوليته فالمهم هو حضور الضمير الحي في حياتنا اليومية.. ورب سائل يسأل لماذا تم اختيار هذا القطاع الخدمي وخص بهذا الأمر..؟
[size=16]والجواب ببساطة ان ضمير الوطن والأمة يرى بعين المساواة جميع المخلصين أصحاب الضمائر الحية لأمتهم ووطنهم وقضاياه المختلفة...
[size=16]سورية: الضمير الحي وترشيد الموقف السياسي
[size=16]إذا كان ثمة حضارة بالمفهوم الانساني فيجب ان يكون- الضمير الانساني وجهها الآخر واذا كان ثمة سقوط تشهده حضارة اليوم فيجب ان نبحث عن عوامله وأسبابه فيما آلت إليه ظاهرة الفساد في الضمير العالمي.. ذلك أن أخطر ما تمنى به حضارة من الحضارات هو أن تعمى عن رؤية أخطائها وخطاياها أو أن تذهب في حالة رؤيتها الى تبرير ما تقترفه من جرائم فيما نشهده في الوقت الراهن المعاصر من سياسات- تبرير العدوان والحروب الاستباقية ومنازع الاحتلال وأطماعه.
[size=16]فإذا قلنا في مجال تشخيص الأزمة الحضارية في عالم اليوم بأنها ملتبسة بدافعين أحدهما : فعل الجريمة.. وثانيهما: فعل تبريرها بسبب انحطام ميزان العدالة وانكسار معاييرها فإن الأزمة في أبعادها الشاملة هي أزمة الضمير العاجز لا على أرض الواقع الزائف فحسب وإنما على أرض اللغة ومعاجمها والتي لم يكن بوسعها حتى الآن أن تضع تعريفا عادلا وموضوعيا لمصطلح الارهاب وسواها من المصطلحات التي يتم تأجيل تعريفها وتحديدها في زمن انقلاب القيم ومعايير الاخلاق حيث بات وللأسف الحق باطلا والباطل حقا, والمعروف منكرا والمنكر معروفا.
[size=16]وإذا قلنا أن شعبا من الشعوب لا يملك ارادة المقاومة ضد الاحتلال بحكم أزمة الانشطار في شخصيته التي سلبت من روحه كل أشكال الممانعة والمقاومة فإن أزمة المناعة عند هذا الشعب أو ذاك هي أزمة استلاب الضمير من روحه وارادته.
[size=16]ومن هنا يبدو لي ان البحث عن معنى الضمير في حياة الأمم هو بحث عن الذات المضيعة والمستلبة ولذلك يتصل سؤال الضمير بسؤال الهوية والشخصية فكرا وثقافة وأخلاقا وسياسة.
[size=16]وفي هذا السياق يحسن بنا أن نتوقف عند الضمير العربي السوري المضيء بوصفه مرتكزا للنهوض العربي.. فقد عملت سورية بقيادتها الحكيمة وما تزال على جلاء المفاهيم الخاطئة التي علقت بالفكر السياسي العربي منذ مشاريع التسويات المنفردة والمذلة وحتى مشاريع الاستيطان والتهويد..
[size=16]وفي منهاج السيد الرئيس بشار الأسد تمضي سورية بصناعة المناعة وصناعة الوحدة وصناعة الوعي بالذات العربية لمواجهة جميع الأزمات والتحديات والتي لا يمكن مواجهتها من غير الاعتماد على أمرين.
[size=16]أحدهما: مشروع التضامن العربي..
[size=16]وثانيهما: البوصلة التي تشير الى غاياته وأهدافه.
[size=16]وطبيعي في حالة كهذه ان يقتدي العرب بتجربة- الضمير العربي السوري- الذي تجسد في صوابية مواقفها من جميع الأزمات والأخطاء والتحديات على قاعدة أن الآفاق التي تحكم الضمير العربي السوري هي آفاق روحية ووطنية وقومية في آن واحد دون أي تعارض بين ما هو روحي ووطني وقومي.. ومن هنا بدأت الضغوط على سورية وتم تصعيد المؤامرة على حصارها في السنوات الماضية بمحاولات فاشلة لفصل الضمير السوري القومي عن وحدته العربية وهذه حقيقة لها من صدقها وأنموذجيتها ما يؤهلها لأن تكون مدخلا لإنعاش الضمير العربي الذي يتم محاولة العمل على تدجينه لصالح مشاريع الرضوخ والاستسلام.
[size=16]ذلك أن أفكار الهزيمة الأبلغ التي مني بها الواقع العربي لايمكن أن تستشري في نبض الأمة ووجدانها الا إذا تحولت الى هزيمة نفسية وروحية وثقافية أي الى هزيمة ضميرها بالخضوع أمام إرادة العدو ومخططاته.
[size=16]وهنا لا بد لنا أن نرصد الدلالات والمعاني السياسية التي دفعت الضمير العربي السوري للالتزام بتأصيل ثقافة المقاومة لأن خروج الأمة من دائرة الصراع مع الكيان الارهابي يعني في أعمق دلالاته اخراج الضمير من عقل الأمة وروحها ورسالتها.
[size=16]وعلى سواعد العنفوان العربي السوري والإباء السوري والكرامة السورية جاءت انتصارات المقاومة في لبنان وفي فلسطين وفي العراق تعبيراً حيا عن الضمير الحي ولعل أثمن ماحققته المقاومة حتى الآن هو أنها حققت ذاتها أي أنها استطاعت أن تجتاز المخاطر الأساسية التي استهدفت محو هويتها وعقيدتها وضميرها.
[size=16]وما كان لهذه الانتصارات ان تنجز لولا قوة الاحتضان العربي السوري لنهج المقاومة على درب التحرير والتوحيد.
[size=16]وبكلمة أن الضمير العربي السوري الحي بجميع تجلياته قد أيقظ العروبة في مجالين: أحدهما: مجال الوعي بقدسية الحقوق العربية..
[size=16]وثانيهما: مجال الوعي بوجوب ترسيم الفواصل الجوهرية بين ما حق وما هو باطل.
[size=16]لقد استطاع الضمير العربي السوري إبان قمة التضامن العربي بدمشق أن يقرع ناقوس الخطر ويستنفر فيه أسئلة لمستقبل والعقبات التي تحول بينه وبين آفاقه المرجوة ما يعني ضرورة الاحتكام الى المقومات الذاتية للأمة من أجل إبداع مضمون جديد لمسقبلها المنظور بملاحظة أن ثمة اتجاهين يستقطبان التعبير الفكري والسياسي والراهن والمعلن على مستوى المنطقة العربية والاسلامية..
[size=16]أحدهما : الاتجاه الموغل في تأكيد الهزيمة والداعي للاعتراف بنتائجها في ضوء التخلي كلياً عن خيار المقاومة.
[size=16]ثانيهما : الاتجاه المتشبث بحقوق الأمة في الأرض والسيادة وصيغته المتمثلة بوعي العلاقة بين المقاومة والسلام كما أطلقها ضمير الأمة السيد الرئيس بشار الأسد بكل إيمانه بقوة الحق الذي يجب أن ينتصر وبقوة المقاومة التي تبدأ من حيث يبدأ الضمير الحي و بقوة السلام الذي لابد أن يبدأ من حيث يبدأ هذا الضمير...
[size=16]لما كان الانسان هو منطلق الحياة وغايتها (كما قال القائد الخالد حافظ الأسد) فإن ما يصلح به الإنسان يمكن أن يؤدي حتماً إلى الإصلاح الأوسع والأشمل , وفي تفاصيل حياة كل منا مساحات واسعة يختلط فيها الطمع بالجشع, بالحياء وبالكبرياء , مما يضع أمام الكثير منا في دوامات وتعقيدات تسهم إلى حد كبير في إفراغ حياتنا من محتواها الأخلاقي والقيمي وتصل إلى حدود فقدان بعضنا لسعادته وراحته الذاتية.
[size=16]لذلك فإن الانتباه بل الإنصات المستمر إلى صوت ذلك الوازع الذاتي الكامن فينا ألا وهو الضمير يمثل أولى علامات إغاثة كل فرد منا ومساعدته على تجاوز قلقه والركون إلى زاوية الاستقرار الروحي والنفسي والتي من خلالها يتمكن الإنسان من ضبط إيقاعات حياته العملية والمهنية وصولاً إلى توسع مداركه لتأخذه بعيداً عن الأنانية و الفردية , وتجعل اهتمامه منصباً على العمل من أجل صلاح وخدمة مجتمعه الذي يشكل نواة رئيسية لوطنه بمفهومه الأوسع والأشمل, ويتجلى من خلالها الإحساس بروح الجماعة التي يتشكل منها مفهوم المواطنة والوطن.
[size=16]إن القاعدة المثلى لتقييم دور الضمير الانساني تتأتى عناصرها من استعداد وقدرة الإنسان الفرد على الإيثار والقفز فوق الكثير من " أناه الذاتية" هذه الأنا يمكن لها في حالة أن تتحول إلى " النّحن المجتمعية" حين تذوب الأنا في الجماعة أو في المجموع مما يسهم في تبلور حالة صحية بكل معنى الكلمة يكون دافعها الحرص على القيم العظمى والقوانين العامة للمجتمع مع كل ما تمنحه من حرص على سلامة الوطن والمواطن استناداً إلى القاعدة الأساسية المتمثلة بأن صلاح الفرد يعني صلاح الوطن , وعليه فإن كلا منا مسؤول في موقعه أياً كان سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو ثقافياً أو دينياً أو مهنياً أو تربوياً أو أسرياً وعليه أيضاً تقع المسؤولية الكبرى المنبثقة من إحساسه الذاتي بضرورة أن يكون مواطناً صالحاً وكفى كما يقال وتفسير ذلك هو أن كل إنسان حين يبدأ العمل لأجل إصلاح وبناء ذاته ويقوى على ذلك من خلال القيام بواجبه الوظيفي والأسري والمجتمعي فهو بذلك يصلح جزءاً جوهرياً من أسرته ومجتمعه ووطنه لأن الانسان أكرم المخلوقات وهو خليفة الله في الأرض وصلاحه يعني حتماً صلاح وخدمة الوطن والأمة وتابع بقوله:
[size=16]انطلاقاً مما تقدم فإنني أقول : أن الحضارة الحية لا تكون إلا بالضمائر الحية ووطننا الصامد أحوج يوماً بعد يوم إلى المزيد دوماً من الضمائر الحية والنقية التي بها وحدها نستطيع المحافظة على نجاحاته وعزته وكرامته وسيادته وقوته وتقدمه وازدهاره.. ومعلوم أن ذلك جزء أخلاقي ووجداني وروحي يشكل الحاضنة والمعيار الأساسي لسلوك كل منا وبالتالي ينعكس إيجاباً على وطننا المفدى ( أليس حب الوطن من الإيمان) خاصة و أن عملية الإصلاح والتطوير والتحديث التي يرفع رايتها ويقودها حقاً ضمير الوطن والأمة السيد الرئيس بشار الأسد تحتاج منا فرداً فرداً إلى عهد الصدق والعمل والإخلاص, فبالعمل لا بغيره نبني أنفسنا وأسرتنا ومجتمعنا ووطننا الغالي وبه وحده أي بالعمل يدخل الإنسان الجنة وحجتنا في ذلك قوله تعالى "ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون" وقوله تعالى " ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون" وقال السيد المسيح "أنا أعمل وأبي يعمل حتى الآن" وهذا هو الدين الحقيقي كي نصل بوطننا المفدى إلى ما يسعى ويعمل من أجله سيد الوطن بكل تفان وأمانة.
[size=16]أخيراً : ختم علي حديثه قائلاً:
[size=16]ليس سراً القول إن بعض مظاهر الفساد لا تزال هنا وهناك حتى أن السيد الرئيس وفي جميع كلماته عن الوضع الداخلي تحدث عنها وأشار إليها من باب تنبيه بعض من يمارسون حتى الآن هذا السلوك بأنهم تحت الأنظار , وأن الفرصة أمامهم سانحة لكي يصلحوا سلوكهم وأنفسهم وأن تستيقظ ضمائرهم . كما أن إشارة سيادته إلى بعض مظاهر الفساد تترافق دائماً مع تأكيده أن هذه الظاهرة لن تدوم ولن تستمر والعمل جار لكي تزول , وهو بذلك كمن يضع النقاط على الحروف ويتوجه إلى كل ذي ضمير حي ونقي بأن يحافظ على ما لديه من نقاء وصلاح خدمة لله وللوطن والشعب وخدمة لذاته أيضاً , وهنا يبرز دور الضمير الحي في هذا الجانب و أهميته التي تتلخص ليس فقط في تجنب السلوك الخاطئ وفي عدم الانغماس في بؤر وسلوكيات فاسدة فقط بل في العمل على فضح مظاهر الفساد بكثير من الإحساس بالمسؤولية على أن يكون الدافع والهدف معاً هو الإخلاص من أجل تنقية ذاتنا الانسانية وصولاً إلى تنقية الوطن من الشوائب التي تحد من تطوره وتقدمه على جميع المستويات.
[size=16]في الحقيقة لقد برزت نتائج هامة وملموسة على صعيد مكافحة الفساد بجميع أشكاله وطرقه ومواقعه.
[size=16]ولكن أنتم تعلمون أن مثل هذه الظاهرة لا تكافح بقرار وكفى , بل إنها بحاجة إلى تضافر عوامل وجهود متعددة ومشتركة تؤمّن البدائل الأساسية والاحتياجات المطلوبة لتجاوزها وهذا ما يؤكد المسؤولية المشتركة على الجميع , إذ لا يمكن للمواطن وحده أن يقاوم ظاهرة ما وكذلك ليس بمقدور السلطة أو الحكومة إحداث تغيير عبر قوانينها إن لم يكن المواطن معياراً أساسياً في سلوكه لهذه التغيرات بحيث يطرح الفاسد منها إلى الخارج ويحدث حالة انسجام بينه وبين متطلباته الذاتية التي تتحول آلياً إلى جزء من مكونات المجتمع والوطن.
[size=16]إن عملية مكافحة الفساد كما يراها ضمير الوطن والأمة السيد الرئيس بشار الأسد تبدأ قبل أي شيء من ذاتنا فرداً فرداً كل واحد منا وذلك انطلاقاً من تجنيد قدرات ضميرنا الحي وطاقاته قبل أي إجراء آخر وهذا ما أشار إليه سيادته بقوله ( إن عملية مكافحة الفساد لا تقوم فقط على المحاسبة , فمن لا يرى من مكافحة الفساد سوى المحاسبة , هو كمن لا يرى من السياسة سوى الحرب.... المحاسبة هي الحل الآخير في ( المكافحة).
[size=16]أي ترك سيادته مساحة واسعة لضميرنا ليأخذ دوره البناء على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع..
[size=16]وختاماً ... ولسوف يبارك الله الضمير الحي..
[size=16]وأقول ( حي على الضمير والنصر له)..