كتابة
السيرة النبوية
بالعقلية
الأوروبية :
كثير
من المستشرقين
نشأوا وشبوا
على الثقافة
الغربية وطرقها
في التفكير
والنظر للأمور
وتشبعوا بروح
الفكر المادي
العلماني، وحين
أخذوا في تحليل
السيرة النبوية
وتاريخ
الإسلام،
تأثروا بهذه
العقلية فضلوا
بذلك ضلالاً
بعيداً، لأن
منطق التفكير
الأوروبي لا
يمكن أن يأتي
بنتائج صحيحة
في تاريخ
الأنبياء
والرسالات
الإلهية التي
ظهرت في الشرق
وكان تأثيرها
الخاص في
تاريخه وحضارته
عميقاً. وأحسن
انتقاد لهذه
الطريقة هو
الذي قدمه
المستشرق
الفرنسي المسلم
اتيان دينية
الذي ألف
كتاباً يرد فيه
على لامانسس
اليسوعي وهو
بعنوان :" إنك
لفي واد وإننا
لفي واد "، قال
فيه : >إن هؤلاء
المستشرقين
الذين حاولوا
نقد سيرة النبي
صلى الله عليه
و سلم بهذا
الأسلوب
الأوروبي
البحت، لبثوا
ثلاثة أرباع
قرن يدققون
ويمحصون
بزعمهم، حتى
يهدموا ما اتفق
عليه الجمهور
من المسلمين من
سيرة نبيهم،
وكان ينبغي لهم
بعد هذه
التدقيقات
الطويلة
العريضة
العميقة أن
يتمكنوا من هدم
الآراء المقررة
والروايات
المشهورة من
السيرة
النبوية، فهل
تسنى لهم شيء من
ذلك ؟ الجواب. لم
يتمكنوا من
إثبات أقل شيء
جديد<.
>..
بل إذا أمعنا
النظر في
الآراء الجديدة
التي أتى بها
هؤلاء
المستشرقون، لا
نجد إلا خلطاً
وخبطاً، وإنك
لترى كل واحد
منهم يقرر ما
نقضه غيره من
هؤلاء المدققين
ـ بزعمهم ـ أو
ينقض ما قرره<.
"...
وإن أردنا
استقصاء هذه
التناقضات التي
نجدها بين
تمحيصات هؤلاء
الممحصين ـ
بزعمهم ـ
فسيطول بنا
الأمر، ولا
نقدر أن نعرف أي
حقيقة عن النبي
صلى اللَّه
عليه وسلم
وحياته وسيرته.
ولا يبقى
أمامنا إلا أن
نرجع إلى
السيرة النبوية
التي كتبها
العرب<. "... فأما
المؤلفون الذين
زعموا أنهم
يريدون ترجمة
محمد صلى
الله عليه و سلم
بطريقة علمية
شديدة التدقيق،
فلم يتفقوا
منها ولا على
نقطة مهمة،
وبرغم جميع ما
نقبوه ونقروه،
وحاولوا كشفه
بزعمهم، فلم
يصلوا ولن
يصلوا إلا إلى
تمثيل أشخاص في
تلك السيرة
ليسوا أعرق في
الحقيقة
الواقعية من
أقاصيص
فاترسكوت،
واسكندر دوماس،
فهؤلاء
القصاصون
تخيلوا أشخاصاً
من أبناء جنسهم
يقدرون أن
يفهموهم، ولم
يلحظوا إلا
اختلاف الأدوار
بينهم، أما
أولئك
المستشرقون
فنسوا أنه كان
عليهم قبل كل
شيء أن يسدوا
الهوة السحيقة
التي تفصل بين
عقليتهم
الغربية وبين
الأشخاص
الشرقيين الذين
يترجمونهم،
وأنهم بدون هذه
الملاحظة
جديرون بأن
يقعوا في الوهم
في كل نقطة "(1).
إنكار
نبوة محمد صلى
اللَّه عليه
وسلم :
ينكر
جمهور
المستشرقين أن
يكون محمد صلى
اللَّه عليه
وسلم نبياً
مرسلاً من عند
اللَّه تعالى،
تلقى رسالة
اللَّه عن طريق
الوحي،
ويتخبطون في
تفسير الوحي،
فمنهم من يرجع
ذلك إلى نوبة
صرع، ومنهم من
يفسره بمرض
نفسي، ومنهم من
يرجعه إلى
تخيلات كانت
تملأ ذهنه صلى
اللَّه عليه
وسلم، وهكذا
كأن اللَّه
تعالى لم يرسل
نبياً قط، ولم
يسمعوا قبل بأن
الأنبياء يوحى
إليهم. ولما
كانوا كلهم ما
بين يهودي
ومسيحي يعترفون
بأنبياء بني
إسرائيل وبما
أوحاه اللَّه
إليهم كان
إنكارهم نبوة
محمد صلى
اللَّه عليه
وسلم تعنتاً
ومكابرة مبعثها
التعصب الديني.
إنكار
كون القرآن
منزلا من عند
اللَّه تعالى :
ويتبع
إنكار النبوة
إنكار أن يكون
القرآن كتاباً
منزلاً من عند
اللَّه عز وجل،
وحين يفحمهم ما
ورد فيه من
حقائق تاريخية
عن الأمم
السابقة مما
يستحيل صدور
مثله عن أمي مثل
محمد صلى
الله عليه و سلم
، يزعمون ما
زعمه المشركون
الجاهليون من
قبل من أنه
صلى الله عليه
و سلم استمد
هذه المعلومات
من أشخاص كانوا
يخبرونه بها،
وحين يفحمهم ما
جاء في القرآن
من حقائق علمية
لم تعرف ولم
تكتشف إلا في
هذا العصر،
يردون ذلك إلى
ذكاء النبي
صلى الله عليه
و سلم وعبقريته.
إنكار
كون الإسلام
دين اللَّه
تعالى :
بعد
إنكار نبوة
النبي صلى
اللَّه عليه
وسلم، وإنكار
كون القرآن
كتاباً من عند
اللَّه، أنكروا
أن يكون
الإسلام ديناً
من عند اللَّه،
ومضوا يزعمون
أنه من وضع محمد صلى الله عليه
و سلم ،
وأنه ملفق من
الديانتين
اليهودية
والمسيحية، ومن
الوثنية
العربية
الجاهلية، وليس
لهم في ذلك
مستند يؤيده
البحث العلمي
الرصين، وإنما
هي ادعاءات
تستند إلى بعض
نقط الالتقاء
بين الإسلام
والديانتين
السابقتين، أو
بينه وبين بعض
التقاليد أو
الطقوس الوثنية
العربية
القديمة.
ويمكن
أن نختصر مساوئ
طريقة
المستشرقين في
كتابة السيرة
النبوية، على
الشكل الآتي :
.1
الانتقائية في
اختيار المصادر
ونقل الروايات
عنها، فلا
يعتمدون منها
إلا على ما
يساير أهدافهم.
.2
التحيز السافر
الذي ينم عن روح
العداء والحقد
المتأصل على
الإسلام.
.3
تضخيم بعض
الحوادث
والمبالغة
فيها، والتقليل
من حوادث أخرى.
.4
إطلاق الأحكام
الخطرة في حق
النبي صلى
الله عليه و سلم
وأصحابه وفي
حق الإسلام
وشريعته
وتاريخه
وحضارته دون أي
دليل.
.5
الإسراف في
استخدام المنهج
المادي
ومعاييره في
بحث حياة النبي
صلى الله عليه
و سلم والأحداث
المتعلقة بها.
.6
تأويل الأحداث
والوقائع
وتحليلها
بطريقة غير
موضوعية
.7
الاعتماد على
الروايات
الضعيفة.
.8
الجرأة على
تفسير آيات
القرآن بما
يوافق الهوى،
وتجاهل كتب
التفسير.